هكذا تمت إبادة الأتراك للأرمن بأضنة سنة 1909
أقر مجلس النواب الأميركي في خطوة تاريخية قرارا بالاعتراف رسميا بـالإبادة الجماعية للأرمن
وعلا التصفيق والهتاف عندما أقر المجلس بأكثرية 405 أصوات مقابل 11 القرار الذي يؤكد اعتراف الولايات المتحدة بالإبادة الأرمنية وهي المرة الأولى التي يصل فيها مثل هذا القرار للتصويت في الكونغرس بعد عدة محاولات سابقة
وتعود تفاصيل إبادة الأرمن إلى عام 1908 حيث عاشت الدولة العثمانية على وقع ثورة يوليو والتي قادتها جمعية الشباب الأتراك تعرف أيضا باسم تركيا الفتاة
وفي الأثناء نجحت هذه الثورة في الحد من سلطة السلطان العثماني عبد الحميد الثاني والذي فقد تدريجيا العديد من صلاحياته عقب إقرار العمل بالمشروطية الثانية بعد أن ظل الدستور العثماني معلقاً لمدة قاربت الثلاثين عاما وبالتزامن مع ذلك سعد الأرمن بعودة العمل بالدستور بعد عقود طويلة من حكم عبد الحميد الثاني المطلق والذي قاد خلاله ما عرف بالمذابح الحميدية أثناء العقد الأخير من القرن التاسع عشر والتي أسفرت عن مقتل مئات الآلاف من الأرمن وعلى إثر تلقيهم لوعود بالمساواة مع بقية أهالي الدولة العثمانية نظّم الأرمن المسيحيون صفوفهم ليساهموا تدريجيا في إنشاء تيارات سياسية دعمت بشكل واضح الحكومة الجديدة
وفي الأثناء مرت الدولة العثمانية خلال الفترة التالية بفترة عصيبة شهدت أثناءها مجموعة من الأحداث السيئة التي ساهمت في اندلاع الثورة المضادة
فعلى إثر حادثة استقلال بلغاريا خلال شهر أكتوبر سنة 1908 وغياب التنسيق داخل البرلمان تزايد تأثير التيار المحافظ والمتشدد بالقسطنطينية حيث لعب طلبة مدارس الشريعة والأئمة المتشددون دورا هاما في تأجيج غضب الرأي العام وعدد من عناصر الجيش لترتفع على إثر ذلك أصوات مطالبة بإلغاء الدستور وتطبيق الشريعة والقضاء على مكاسب الثورة وإعادة السلطة المطلقة لعبد الحميد الثاني وفي حدود شهر أبريل سنة 1909 شهدت القسطنطينية تحركاً شعبياً تسبب في إزاحة الحكومة بشكل مؤقت وتعليق العمل بالدستور ومنح الصلاحيات المطلقة لعبد الحميد الثاني. استمرت الثورة المضادة لفترة وجيزة
فمع حلول يوم الرابع والعشرين من شهر إبريل سنة 1909 تمكن فيلق قوات الاحتياط الحادي عشر بسالونيك بقيادة الجنرال محمود شوكت باشا المدعوم من قبل جمعية الاتحاد والترقي من السيطرة على القسطنطينية ليتم على إثر ذلك إعادة العمل بالدستور وليجبر عبد الحميد الثاني على التنازل عن العرش لصالح شقيقه محمد الخامس
وفي خضم هذه الأحداث وبالتزامن مع انتشار أخبار الثورة المضادة ظهرت بمنطقة أضنة إشاعة حول استعداد الأرمن المسيحيين للتمرد على السلطة العثمانية لتشهد عقب ذلك هذه المنطقة أحداث عنف دامية بين الأتراك والأرمن سقط في بدايتها قتلى من كلا الطرفين خلال الفترة التالية وعقب حصولهم على الأسلحة من قبل السلطات المحلية وتواجد عدد من المرتزقة إلى جانبهم تمكن الأتراك من مهاجمة القرى الأرمينية بأضنة لتشهد المنطقة على إثر ذلك تزايدا في حدة أعمال العنف وارتفاع عدد القتلى الأرمن الذين لم يتردد كثير منهم في الفرار نحو القنصلية الأميركية بإسكندرونة والمدن الساحلية بعد ورود أنباء عن تواجد عدد من السفن الحربية الفرنسية والبريطانية في انتظارهم
تسببت أعمال العنف بأضنة في مقتل ما بين 20 و30 ألفا من الأرمن وخراب عدد هام من مدنهم التي دمر بعضها بشكل تام حيث لم يتردد الأتراك الغاضبون في إحراق المدارس والكنائس الأرمينية ونهب محتوياتها فضلا عن ذلك جاء تدخل الجيش العثماني متأخرا حيث حاولت القوات العثمانية الحد من شدة أعمال العنف على مدار أيام عديدة قبل أن تنجح في ذلك خلال الأيام الأخيرة من شهر أبريل سنة 1909 وبالتزامن مع ذلك اتهم الفرنسيون والبريطانيون العثمانيين بالتخاذل خلال تدخلهم بالمنطقة ومناصرة المتعصبين الأتراك وخلال الفترة التالية فشلت التحقيقات في إدانة الأطراف المتسببة في الإبادة كما رفضت السلطات العثمانية الإقرار بوقوع المذبحة لتتهم على إثر ذلك جمعية الشباب الأتراك باحتضان قوميين أتراك متعصبين ومواصلة سياسة إبادة الأرمن التي لم يتردد في اعتمادها السلطان السابق عبد الحميد الثاني
تعليق