التزام إماراتي بدعم الجهود الدولية للتنمية المستدامة
في إطار نهجها الثابت في دعم التنمية العالمية، تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة ترسيخَ حضورها الدولي بوصفها شريكاً فاعلاً وموثوقاً في الجهود الأممية الرامية إلى تعزيز التنمية المستدامة. وقد ظهر ذلك جلياً في مشاركتها النشطة ضمن أعمال مؤتمر الأمم المتحدة الثالث المعني بالبلدان النامية غير الساحلية، المنعقد في منطقة «أوازا» الساحلية بتركمانستان خلال الفترة من الخامس إلى الثامن من أغسطس الجاري.
ومن منطلق رؤيتها الاستراتيجية، تؤكد دولة الإمارات أن المشاركة في مثل هذه المؤتمرات لا تمثل حضوراً بروتوكولياً فحسب، بل تعكس التزام القيادة الرشيدة بالعمل مع المجتمع الدولي لمواجهة التحديات التنموية وتعزيز التكامل الاقتصادي، وبناء بيئة أكثر استقراراً وعدلاً لشعوب الأرض. وقد شدد الوفد الإماراتي على أن التنمية المستدامة تُعد ركيزةً أساسية لسياسات الدولة، انطلاقاً من قناعة بأن العالم لا يمكن أن يحقق الازدهار بمعزل عن التعاون الدولي.
وفي ظل انعقاد المؤتمر مرة واحدة كل عشر سنوات، تَبرز أهميتُه في تسليط الضوء على التحديات التي تواجه نحو 570 مليون نسمة من سكان البلدان النامية غير الساحلية، الذين يعانون صعوبةَ النفاذ إلى الأسواق العالمية نتيجة القيود الجغرافية وارتفاع تكاليف النقل وضعف الاستثمارات. ومن هذا المنطلق، دعت الإمارات إلى حلول شاملة ترتكز على توفير بنية تحتية حديثة ومرنة، وتيسير حركة التجارة، وتعزيز الممرات التجارية بما يضمن لهذه الدول فرصاً عادلة للانخراط في الاقتصاد العالمي.
وضمن محاور المؤتمر، يناقش المشاركون «برنامج عمل أوازا للفترة 2024 - 2034»، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويرتكز على خمسة محاور أساسية تشمل التحول الهيكلي، والبنية التحتية والاتصال، وتسهيل التجارة، والتكامل الإقليمي، وبناء القدرة على الصمود. كما يتضمن البرنامج خمس مبادرات استراتيجية من أبرزها إنشاء مرفق عالمي للاستثمار في البنية التحتية، ومراكز إقليمية للبحوث الزراعية، ولجنة رفيعة المستوى معنية بحرية العبور. إضافة إلى مبادرات لتعزيز الاتصال الرقمي، وبرنامج عمل تجاري خاص ضمن منظمة التجارة العالمية.
وعلى ضوء تلك الجهود، تؤكد دولة الإمارات أن رؤيتَها في هذا المجال تنسجم مع مبادئها الداعمة للسلام والتنمية، حيث ترى أن التنمية المستدامة تمثل أساساً لبناء مجتمعات مستقرة وقادرة على مواجهة التحديات. كما شددت القيادة الإماراتية على أن الإمارات ستبقى ملتزمة بدعم كافة الجهود الدولية التي تهدف إلى ترسيخ الاستقرار وتحقيق التنمية، انطلاقاً من إيمانها بأن التحديات العالمية مشتركة ولا يمكن التصدي لها إلا عبر التعاون الفاعل.
وفي سياق متصل، تحرص دولة الإمارات على أن تكون مشاركتها في هذه المؤتمرات أكثر من مجرد حضور رمزي، بل مساهمة عملية تُترجم إلى مبادرات وشراكات تُعزز قدرة المجتمع الدولي على تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وهي بذلك تدرك أن نجاح هذه الجهود يتطلب انخراط الدول ذات الخبرات التنموية المتقدمة، وتقديم المعرفة والتجارب والممارسات الناجحة، جنباً إلى جنب مع الدعم المالي والاستثماري. وبعد ذلك، يتجلى البعد الاستراتيجي لسياسة الإمارات الخارجية في جعل التنمية المستدامة محوراً رئيسياً لعلاقاتها الدولية، حيث تعمل الدولة على بناء شراكات طويلة الأمد مع الدول والمنظمات العالمية.
بما يعزز من مساهمتها في تشكيل مستقبل عالمي أكثر استقراراً وتوازناً.وعلى هامش المؤتمر، ركزت اللقاءات الثنائية التي أجراها الوفد الإماراتي على بحث سبل التعاون في مجالات الطاقة والبنية التحتية والنقل، بما يتسق مع رؤية الدولة الهادفة إلى دعم التكامل الإقليمي وبناء شبكات تعاون واسعة تصب في صالح مختلف الأطراف. وتؤكد هذه التحركات حرص دولة الإمارات على توظيف خبراتها ومواردها لخدمة المصالح المشتركة وتعزيز التنمية العالمية.
وبهذا النهج، تجسد الإمارات التزامَها بتعزيز التنمية المستدامة وترسيخ مكانتها كدولة رائدة في صياغة مستقبل قائم على التعاون والشراكات، بما يعكس طموحاتها الوطنية ورؤيتها العالمية. ومع انطلاق «رؤية نحن الإمارات 2031»، يتعزّز هذا المسار أكثر فأكثر، ليضع الإمارات في صدارة الدول المساهمة في تحقيق مستقبل أفضل وأكثر استدامة لشعوب العالم كافة.

تعليق