السبت، 22 نوفمبر 2025

KBenj

مطالب مصرية باستعادة أحد أهم الكنوز الفلكية في تاريخ الحضارة الفرعونية

KBenj بتاريخ عدد التعليقات : 0

مطالب مصرية باستعادة أحد أهم الكنوز الفلكية في تاريخ الحضارة الفرعونية
لوحة الزودياك الفرعوني النادرة المعروض باللوفر تضم الأبراج الاثني عشر المعروفة اليوم



سُرقت بالديناميت.. مطالب مصرية باستعادة لوحة فلكية نادرة من اللوفر


مع افتتاح المتحف المصري الكبير وبدء عرض مجموعة من أعظم كنوز الحضارة المصرية القديمة، عاد جدل الآثار المصرية المهاجرة حول العالم، وعلى رأسها "زودياك دندرة"، أحد أهم الكنوز الفلكية في تاريخ الحضارة المصرية.


فبينما يعرض هذا النقش الفريد الذي يُعد أقدم تمثيل معروف لنظام الأبراج اليوم في متحف اللوفر بباريس، رغم أنه كان جزءاً أصيلاً من سقف معبد دندرة في مصر قبل أن يُنقل إلى فرنسا في مطلع القرن التاسع عشر، تجدد الغضب، وعاد ملف استرداد هذا الحجر التاريخي إلى الواجهة من جديد مع عودة الزخم الشعبي والرسمي لحماية الهوية والتراث.


تضم الأبراج الاثني عشر المعروفة


إذ تعد "قبة زودياك دندرة" لوحة فلكية استثنائية نُحتت في العصور المصرية المتأخرة، حيث يحمل مخططاً دائرياً يضم الأبراج الاثني عشر المعروفة حتى اليوم، إلى جانب رموز للكواكب والنجوم ومساراتها، مما يجعله أقدم تمثيل شبه كامل لنظام الأبراج في التاريخ.


كما يكشف هذا النقش بوضوح مدى تقدم المصريين القدماء في علم الفلك، ويؤكد أنهم كانوا من أوائل من وضع لبنات هذا العلم وأسسه الأولى. بدوره، أفاد الدكتور أحمد بدران، أستاذ الآثار والحضارة المصرية بجامعة القاهرة، أن حجر الزودياك أو ما تُعرف بـ"القبة السماوية" يُعد واحداً من أندر الشواهد الفلكية في الحضارة المصرية القديمة، بل وفي تاريخ علم الفلك عالمياً.


وأوضح أن هذا النقش الدائري الاستثنائي لا يمثل مجرد تجميل معماري، بل وثيقة علمية دقيقة سجل فيها المصري القديم الأبراج الاثني عشر المعروفة حتى اليوم، إلى جانب مواقع النجوم ومساراتها، وهو ما يؤكد أن المصريين القدماء كانوا من أوائل من اكتشفوا علم الفلك ووضعوا أسسه الأولى قبل آلاف السنين من تطور العلم بصورته الحديثة.


فجروا سقف المعبد بالديناميت




وأشار بدران إلى أن هذا النقش اكتُشف داخل معبد دندرة بمحافظة قنا، أحد أهم المعابد المصرية المرتبطة بعبادة الإلهة حتحور، وكانت "قبة الزودياك" مثبتة في الطابق الثاني من المعبد، في موقع صعب الوصول إليه، الأمر الذي جعله يحتفظ بحالته المميزة لقرون طويلة. ولفت إلى أن النقش أظهر قدرة المصريين على دمج الفلك بالدين والطقوس، وإدراكهم للعلاقة بين حركة الأجرام السماوية وحساب الزمن، وهو ما يعكس حضارة متقدمة سبقت عصرها بقرون.


كما أضاف بدران أن النقلة الكبرى التي أدت إلى خروج هذا الأثر الفريد من مصر جاءت في مطلع القرن التاسع عشر حين حضر عالم فرنسي يدعى سيباستيان لويس سولنييه إلى معبد دندرة، وبهدف الحصول على هذا النقش الدائري الذي لفت اهتمام الأوروبيين آنذاك. وأوضح أن سولنييه لجأ إلى استخدام الديناميت لتفجير السقف وانتزاع اللوحة الفلكية من مكانها رغم خطورة الأمر على البناء الأثري كله.


عرض نسخة طبق الأصل من الزودياك


وكشف بدران أنه بعد نجاح العالم الفرنسي في فصل اللوحة، قام بتهريبها إلى خارج مصر لتستقر في النهاية داخل متحف اللوفر بباريس حيث تُعرض حتى اليوم بوصفها إحدى أهم القطع الفلكية في المتحف. وأكد أستاذ الآثار أن مصر قامت لاحقاً بتنفيذ مشروعات ترميم شاملة لمعبد دندرة لإعادة بناء الأجزاء التي تضررت جراء تفجير السقف، كما تسلمت نسخة طبق الأصل من حجر الزودياك، تُعرض الآن لزوار المعبد وتمنحهم تصوراً عن الشكل الأصلي للنقش قبل تهريبه.


وفي حديثه عن المعرفة الفلكية لدى المصريين القدماء، شدّد بدران على أنهم لم يكونوا مجرد مراقبين للسماء، بل كانوا علماء حقيقيين سبقوا غيرهم في فهم حركة الكون حيث رصدوا الأبراج، وميّزوا بين النجوم الثابتة والنجوم السيّارة، وتابعوا بدقة حركة نجم الشعرى اليمانية، الذي ارتبط ظهوره فلكياً بموعد الفيضان السنوي لنهر النيل، موضحاً أن قدماء المصريين توصلوا إلى معرفة أول خمسة كواكب بالعين المجردة: عطارد، الزهرة، الأرض، المريخ، والمشتري، ودمجوا هذه المعارف في تصميماتهم المعمارية.


ويرى بدران أن هذه الأدلة مجتمعة تُظهر أن الحضارة المصرية كانت سبّاقة في علم الفلك، وأن حجر الزودياك ليس مجرد قطعة أثرية مهجّرة بل شاهد تاريخي على مستوى علمي ومعرفي ينبغي للعالم إعادة تقييمه، وسط مطالبات متزايدة بضرورة استعادة القطع الأثرية المصرية المنهوبة وإعادتها إلى موطنها الأصلي.


تحفة فنية نادرة


من جانبه، قال الدكتور أيمن وزيري، أستاذ ورئيس قسم الآثار المصرية بكلية الآداب جامعة الفيوم، إن "زودياك دندرة" يمثل تحفة فنية وعلمية نادرة على مستوى العالم، ليس فقط بالنسبة لمصر. وأضاف أن هذا النقش الفلكي يُظهر إتقان المصريين القدماء للحسابات الفلكية ورسم الأبراج والكواكب والنجوم بدقة مذهلة، ما يجعله مثالاً على العلاقة الوثيقة بين العلم والفن في الحضارة المصرية.


وأشار وزيري إلى أن سرقة الزودياك ونقله إلى فرنسا يوضح مدى الاهتمام الأوروبي بالآثار المصرية منذ القرن التاسع عشر، لكنه أيضاً يمثل فقداناً كبيراً للتراث العلمي والفني المصري، مؤكداً أن النسخة الأصلية في اللوفر تتيح للباحثين دراسة الحضارة المصرية، لكنها لا تغني عن ضرورة إعادة الأثر لمصر لاستكمال دراسة الموقع الأثري والفهم الكامل لدوره في معبد دندرة.


إلى ذلك، اختتم وزيري تصريحاته بالقول: "إن إعادة الزودياك إلى مصر ليست مجرد مطلب سياسي أو وطني بل فرصة لإعادة واحدة من أعظم الوثائق العلمية والفنية في التاريخ إلى مكانها الطبيعي، حيث يمكن للمصريين والعالم كله تقدير قيمتها الحقيقية"، بحسب قوله.

  مطالب مصرية باستعادة أحد أهم الكنوز الفلكية في تاريخ الحضارة الفرعونية
تقييمات المشاركة : مطالب مصرية باستعادة أحد أهم الكنوز الفلكية في تاريخ الحضارة الفرعونية 9 على 10 مرتكز على 10 ratings. 9 تقييمات القراء.

مواضيع قد تهمك

تعليق