تقنية مصرية ترصد "الملوثات" بالليزر فائق السرعة
لمواجهة تغير المناخ.. تقنية مصرية ترصد "الملوثات" بالليزر فائق السرعة
في ظل تصاعد التحديات البيئية العالمية، وعلى رأسها تغير المناخ وارتفاع مستويات الانبعاثات الكربونية، تتجه أنظار العالم نحو التقنيات الذكية التي تُمكّن من الرصد الدقيق للتلوث والإسهام الفعلي في حماية كوكب الأرض.
وفي هذا الإطار، تمكَّن فريق بحثي مصري من تحقيق إنجاز علمي بارز يتمثل في تطوير تقنية التحليل الطيفي للبلازما المتولدة بالليزر الخالية من المعايرة (CF-Ps-LIPS). وقاد الفريق البحثي رئيس قسم تطبيقات الليزر في المعهد القومي لعلوم الليزر بجامعة القاهرة البروفيسور وليد توفيق، وتنفيذ أستاذ فيزياء الليزر في كلية العلوم بجامعة القاهرة الأستاذ الدكتور محمد فكري، وبرعاية رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور محمد سامي.
وتُمثّل هذه التقنية، منهجية فريدة وغير مسبوقة عالميًا في مجال مكافحة تغير المناخ، كما تفتح آفاقًا جديدة لتطبيقات واسعة النطاق في الأراضي المصرية. وهذه التقنية لا تمثّل نقلة نوعية في مراقبة التربة والمياه والهواء فحسب، بل تُعدّ كذلك أداة إستراتيجية لدعم سياسات خفض الكربون وتعزيز جهود مواجهة تغير المناخ في مصر.
تصاعد التحديات البيئية
قال الأستاذ الدكتور وليد توفيق، إنه في ظل تزايد التحديات البيئية وتفاقم مشكلة تلوث التربة بالمخلفات الصناعية والعناصر الثقيلة، يتنافس الباحثون لإيجاد حلول مبتكرة وفعالة. وأضاف أن الطرق التقليدية لكشف الملوثات طالما شكّلت تحديًا كبيرًا، نظرًا لكونها تستغرق وقتًا طويلًا، وتتطلب تحضيرًا معقّدًا للعينات، فضلًا عن تكلفتها المرتفعة. وتابع أن التقدم المذهل في مجال علوم الليزر والتحليل الطيفي جعل بالإمكان تحقيق قفزات نوعية في هذا المضمار، لافتًا إلى أن البحث الجديد يمثّل نقلة نوعية في مجال المراقبة البيئية والكشف عن العناصر -بما في ذلك العناصر الثقيلة والمشعة- بدقّة وسرعة فائقة.
واستطرد قائلًا: "إن تقنية "التحليل الطيفي للبلازما المتولدة بالليزر الخالية من المعايرة" Calibration-Free Laser-Induced Plasma Spectroscopy) CF-Ps-LIPS) قد أثبتت قدرتها على تغيير قواعد اللعبة في كشف الملوثات بالأراضي المصرية، وفتح آفاق جديدة لتطبيقات واسعة النطاق في مختلف المجالات.
إنجاز علمي رائد
أوضح الأستاذ الدكتور وليد توفيق أن هذا البحث يمثّل إنجازًا علميًا غير مسبوق في مجال التحليل الطيفي، حيث يقدّم منهجية رائدة تعتمد على تقنية "التحليل الطيفي للبلازما المتولدة بالليزر الخالية من المعايرة باستعمال الليزر البيكوثانية".
ولفت إلى أن أهمية هذا الإنجاز تكمن في قدرته على تجاوز القيود التي تواجهها الطرق التحليلية التقليدية، مثل "مطياف الانبعاث البصري للبلازما المقترنة حثيًا" (Inductively Coupled Plasma Optical Emission Spectroscopy - ICP-OES)، التي تتطلب تحضيرًا مكثفًا للعينات ومعايرة دقيقة باستعمال معايير مرجعية. وعلى النقيض من ذلك، فإن تقنية CF-Ps-LIPS تلغي الحاجة إلى هذه المعايرة المعقّدة، مما يوفر تحليلًا سريعًا ودقيقًا للغاية.
الكشف الشامل والسريع
تعتمد هذه التقنية عمومًا على تسليط نبضة ليزر عالية الطاقة على عينة ما، مما يؤدي إلى تبخير جزء صغير جدًا منها، وتكوين بلازما، وتصدر هذه البلازما ضوءًا مميزًا يُحَلَّل للكشف عن العناصر المكونة للعينة. وتتميز تقنية CF-Ps-LIPS باستعمال نبضات ليزر بيكوثانية فائقة السرعة (170 ps) تسهم في تقليل التأثيرات الحرارية و"تأثيرات المصفوفة" (Matrix Effects) التي تؤثّر بدقة التحليل في التقنيات الأخرى.
ويسمح هذا الابتكار بتحقيق دقة تحليلية غير مسبوقة، حيث أظهر البحث توافقًا بنسبة ±1% مع نتائجICP-OES، وهو ما يعدّ إنجازًا مذهلًا. كما تتّسم هذه التقنية بقدرتها على الكشف عن جميع عناصر "الجدول الدوري " (Periodic Table) في ثوانٍ معدودة، فبمجرد توجيه شعاع الليزر نحو العينة من مسافة، يُحصَل على تحليل شامل للعناصر الموجودة فيها.
وهذا يشمل الكشف عن "العناصر الثقيلة" (Heavy Metals) مثل الكادميوم (Cd)، والزنك (Zn)، والحديد (Fe)، والنيكل (Ni)، التي تُعدّ من الملوثات الخطيرة في البيئة. كما أن السرعة الفائقة بالحصول على النتائج (في غضون ثوانٍ) تجعلها أداة مثالية للمراقبة البيئية في الوقت الفعلي (Real-time Environmental Monitoring).
تعليق